21‏/11‏/2009

الحج وحرمة المقدسات والدماء والأموال وربطها بالمسجد الأقصى

الحج وحرمة المقدسات والدماء والأموال وربطها بالمسجد الأقصى لقد بين النبي حرمة المقدسات الإسلامية وأن لها قدسيتها التي يجب أن تصان وتحترم فلقد بين لنا في الحديث الشريف عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله قال ل(( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا )) وإن كانت كل دولة لها معالم مقدسة ورايات وأعلام مرفوعة وحرمات مصونة وسنت لها من القوانين ما يحفظ هذه الحرمة ويحمل العامة والخاصة على احترامها وتقديسها وتعاقب من اعتدى عليها وأهدر حرمتها أو المجرد المسيس بها فالإسلام ليس أقل شأناً وأصغر أمراً من هذه الدول الوليدة وتلك القوانين والدساتير الموضوعة المؤلفة من حفنة من البشر بل الإسلام أرفع قدرا وأعلى شأنا في حمايته للمقدسات ورعايته للحرمات فجعل الله تعالى احترام تلك الشعائر والمقدسات (( أزمنة وأمكنة وممارسات فعلية من العبادات )) دلالة على وجود التقوى في قلب المؤمن قال تعالى { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } الحج30 { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } الحج32 وقال تعالى مذكرا من فكر مجرد فكرة للإعتداء على حرمات المسلمين في بقاع مكة المقدسة { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } الحج25 ويذكر القرآن أن القبلة التي كان يتوجه إليها الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل تحويلها إلى الكعبة, حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس بعد الهجرة ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً ثم حُوِّلت، وأشار القرآن إلى ذلك بقوله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } البقرة143 وأنه أرض المنادي من الملائكة نداء الصيحة لاجتماع الخلائق يوم القيامة كما قال سبحانه: (واستمع يوم يُنادي المُنادِ من مكانٍ قريبٍ) . "قال قتادة وغيره: كنا نحدَّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة, وهي أوسط الأرض" . قال ابن تيمية رحمه الله: "ودلّت الدلائل المذكورة على أن (ملك النبوة) بالشام والحشر إليها, فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق والأمر، وهناك يُحشر الخلق، والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام, كما أن مكة أفضل من بيت المقدس, فأول الأمة خيرٌ من آخرها، كما أن في آخر الزمان يعود الأمر إلى الشام, كما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى[1][1].
وفي الحديث أن النبي بين حرمة المقدسات وربط بينها وبين حرمة الدماء والأموال والأعراض فقال النبي ((أَيّهَا النّاسُ إنّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبّكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، وَكَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا ، وَإِنّكُمْ سَتَلْقَوْنَ رَبّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ وَقَدْ بَلّغْت)) سيرة بن هشام فإن دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم ومقدساتهم ليست بالرخيصة بل أغلى من كل غالي وأرفع من كل نفيس قال النبي : والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا. رواه النسائي وهو حديثٌ صحيح . وقال : لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجلٍ مسلم . جاء موقوفاً عند الترمذي.
وحرمة الدم عظيمة أعظم من حرمة الكعبة التي قال النبي مخاطباً إياها وهو يطوف بها : ما أطيبك وأطيب ريحك . ما أعظمك وأعظم حرمتك . والذي نفس محمدٍ بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمةً منك . رواه الترمذي وهو حديثٌ صحيح وكذلك ربط الإسلام المقدسات بالمسجد الأقصى فهـو ثـاني المساجد وضعاً في الأرض بعد المسجد الحـرام ، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً ؟ قال :المسجد الحرام . قال : قلت : ثم أي؟ قال : المسجد الأقصى قلت : كم كان بينهما؟ قال أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة بعدُ فصله ، فإن الفضل فيه " رواه البخاري . وفي الحديث تأكيد على وحدة المصير بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى فهما في بداية البناء سواء وهكذا يجب أن يبقيا سواءً بالحفظ على بناءهما على كل حين ، فالحفاظ على بناء المسجد الحرام والاهتمام بشأنه كالحفاظ على بناء المسجد الأقصى والدفاع رعنه واستخلاصه من أيدي الغاصبين إن على المسلمين أن يقوموا على بناءه وتطهيره ونجدته : روى ابن ماجة في سننه عن ميمونة مولاة رسول الله قالت: "قلت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره" وروى عن رسول الله قوله: "من مات في بيت المقدس فكأنما مات في السماء"
وكذلك نهى النبي عن تهوين شأنه في نفس المؤمن فعن سلمان قال : ( قيل له لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة ، قال: أجل لقد نهانا صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن لا نستنجي باليمين وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو يستنجي برجيع أو عظم ) . قال الشيخ الألباني : صحيح . والقبلتان هم المسجد الحرام والمسجد الأقصى وهنا لابد أن يدرك المسلمون أنهم قد فرطوا في هذه المقدسات وسمحوا أن يستقبل المسجد الأقصى بأشد من البول والغائط . من منا لا يعلم أن أهل الشرك يدخلون المسجد الأقصى ويتجولون في ساحاته ومحرابه !!! من منا لا يعلم أن مئات العاريات تدخلن المسجد الأقصى من كل أبوابه ؟؟ !!!!! من منا لا يعلم أنه يدخله كل يوم أناس كثيرون منهم صاحب الجنابة وصاحب الرزيلة والحائض بل وصاحب شرك أكبر ، استبيحت في باحاته الحرمات فإن قال قائل لا أعلم فتلك مصيبة أكبر . ولقد ربط الاسلام مباشرة بين الحج والعمرة وبين المسجد الأقصى فقال الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في الإحرام بالحج أو العمرة من المسجد الأقصى، فقال: "من أهلّ بعمرة من بيت المقدس غفر له" رواه ابن ماجه، وقال صلى الله عليه وسلم: "من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة". وعن أبي عباس قال: " من حج وصلى في مسجد المدينة ومسجد الأقصى في عام واحد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة). وفي رواية عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحرم من بيت المقدس بحج أو عمرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه). وفي رواية: (غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تاخر) (رواه ابو داود والقزويني). وعن أم حكيم: من أهل بعمرة من بيت المقدس عدلت عشر غزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك ربط النبي في غير الحج بين المساجد الثلاث الحرام والنبوي والمسجد الأقصى من خلال أداء الشعائر و إقامة الصلاة ففي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو مسجد بيت المقدس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، وليوشكن أن لا يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا - أو قال : خير من الدنيا وما فيها - ». الطبراني في المعجم الأوسط والحاكم في المستدرك ففي الحديث الشريف نلاحظ تأكيد رسول الله أفضلية على غيره من المساجد سوى المسجد الحرام والنبوي فرسول الله يقول في المسجد الأقصى (( فلنعم المصلى هو )) ولنعلم أن هذه الأفضلية أفضلية دائمة مادامت الدنيا. وكذلك ربط النبي بين فضل من أحيا فيه الشعائر وأقام فيه الآذان وجعله في الفضل ثالث ثلاثة . فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله: أي الخلق دخولا الجنة? قال: (الأنبياء) قال يا نبي الله: ثم من? قال: (مؤذنوا المسجد الحرام). قال: يا نبي الله: ثم من? قال: (مؤذنوا مسجدي هذا). قال يا رسول الله: ثم من? قال: (سائر المؤذنون على قدر أعمالهم). وهكذا ربط الإسلام بين المقدسات الثلاث المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى من خلال الحج وغيره وأضحى الأمر واضحاً وفي وضح النهار مدى اهتمام الإسلام بأهله ومقدساتهم ليعلم الدنيا كلها أنه دين الانتماء وحب الأوطان ورعاية الحرمات . [1][1] مجموع فتاوي ابن تيميه 27/443.

0 التعليقات:

إرسال تعليق